في تحولٍ لافت بمواقف قوى اليسار العالميّة تجاه قضيّة الصّحراء المغربيّة، بدأت حكومات يساريّة عديدة، من ضمنها الحكومة البريطانيّة الجديدة بقيادة كير ستارمر، تُعبّر بوضوح عن دعمها لمبادرة الحكم الذّاتي المغربيّة، باعتبارها الخَيار الواقعي والأكثر مصداقيّة لإنهاء النّزاع الإقليمي طويل الأمد.
هذا الموقف الجديد، الذي سبقت إليه إسبانيا بقيادة الإشتراكي بيدرو سانشيز، وأيّدته دول إفريقيّة وأمريكيّة لاتينيّة ذات مرجعيّات يساريّة، يُشكّل قطيعة مع الاصطفاف الأوتوماتيكي السّابق خلف جبهة البوليساريو، التي لطالما قُدّمت باعتبارها حركة تحرّر، قبل أن تُعاد قراءة مشروعها بشكل مختلف في ظل المتغيّرات الدّوليّة.
محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصّحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، قال في تصريح صحفي إنّ اليسار العالمي بدأ يكتشف “الوجه الحقيقي” للبوليساريو، بعيدًا عن الشّعارات الأيديولوجيّة القديمة التي روّجت لها الجبهة، مشيرًا إلى أنّ مشروعها يحمل طابعًا رجعيًّا يقوم على العصبيّة القبليّة، ويشهد انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وبحسب عبد الفتاح، فإنّ هذا التّحوّل في مواقف قوى اليسار لا ينفصل عن تنامي الإدراك الدّولي بالنّموذج التّنموي والدّيمقراطي الذي تبنّته المملكة في أقاليمها الجنوبيّة، والذي يعكسه ارتفاع نسب المشاركة في الإنتخابات، والنّشاط المدني المكثّف، فضلاً عن خطاب سياسي مغربي عقلاني وواضح يربط الشّراكات الدّوليّة بقضيّة الصّحراء كأولويّة مركزيّة.
كما أشار المتحدّث إلى أنّ الأمميّة الاشتراكيّة، التي طالما شكّلت حاضنة لدعم البوليساريو، بدأت بدورها تعيد النّظر في مواقفها، حيث قبلت مؤخّرًا بانضمام حركة “صحراويّون من أجل السّلام“، في خطوة تُؤشّر على بداية نهاية احتكار البوليساريو للتّمثيليّة الصّحراويّة داخل تيارات اليسار الأممي.
ويعتبر عدد من المتابعين أنّ التّحوّلات الجارية تُعبّر عن نهاية مرحلة كانت خلالها البوليساريو تُستغل كأداة للصّراع الإيديولوجي، فيما باتت اليوم تُواجه تراجعات واضحة في التّأييد الدّولي، حتّى من داخل البيوت السّياسيّة التي لطالما اعتبرتها حليفًا طبيعيًّا.