ترأّس الملك محمد السادس، اليوم الأحد بالقصر الملكي في الرباط، مجلسًا وزاريًا خُصّص لاستعراض التّوجهات الاستراتيجيّة لمشروع قانون المالية لسنة 2026، والذي تميّز باعتماد غلاف مالي تاريخي بلغ 140 مليار درهم موجّه لقطاعيْ الصحّة والتّعليم، إلى جانب إحداث أكثر من 27 ألف منصب مالي جديد لدعم العنصر البشري في هذيْن القطاعيْن الأساسييْن.

وقدّمت وزيرة الاقتصاد والمالية عرضًا أمام الملك، أكّدت فيه أنّ مشروع القانون يأتي استنادًا إلى التّوجيهات الملكيّة السّامية، وفي سياق عالمي يتّسم بعدم اليقين، مع توقّع تسجيل نسبة نمو وطنية تناهز 4.8%، مقابل تضخّم محدود في حدود 1.1%، وتقليص عجز الميزانية إلى 3.5% من النّاتج الدّاخلي الخام.

وينطلق المشروع من أربع أولويّات رئيسية: دعم الاستثمار الوطني والأجنبي، إطلاق جيل جديد من برامج التّنمية المجالية، تعزيز الحماية الاجتماعية، وتسريع إصلاح القطاعات الحيوية كالصحّة والتّعليم. ويشمل البرنامج الاستثماري بناء مستشفيات جامعية جديدة، وتوسيع مراكز صحيّة قائمة، إلى جانب تنفيذ خارطة الطّريق الجديدة لإصلاح المنظومة التّربوية، بما في ذلك تعميم التّعليم الأوّلي وتحسين جودة الخدمات التّعليميّة.

في البعد الاجتماعي، أكّد المجلس على الاستمرار في تنزيل برنامج الحماية الاجتماعية، عبر تعميم الدّعم المباشر ليشمل 4 ملايين أسرة، ورفع الإعانات الموجّهة للأطفال والأيتام.

كما صادق المجلس على مشاريع قوانين تنظيمية تهم تقوية آليات الحكامة السّياسية، وتحديث الإطار القانوني لمجلس النّواب والأحزاب السّياسية والمحكمة الدّستورية، في خطوة تستهدف تعزيز دولة القانون وترسيخ التّوازن المؤسّساتي.

في الجانب العسكري، تمّ إقرار مشاريع مراسيم متعلّقة بإعادة تنظيم المدرسة الملكيّة لمصلحة الصحّة العسكرية، وهيكلة المديرية العامّة لأمن نظم المعلومات، انسجامًا مع الرّؤية الإصلاحية لمنظومة الصحّة والأمن السيبراني.

كما وافق المجلس على 14 اتّفاقية دوليّة جديدة، تغطّي ميادين التّعاون القضائي والدّفاعي والخدمات الجويّة والضّمان الاجتماعي، بما يترجم دينامية الدّبلوماسية المغربيّة في توسيع شراكاتها الإقليمية ومتعدّدة الأطراف.

وفي نطاق التّعيينات، وباقتراح من رئيس الحكومة، عيّن الملك عددًا من الولّاة والعمّال، ضمنهم خالد آيت الطالب والياً على جهة فاس–مكناس، وخطيب الهبيل على جهة مراكش–آسفي، إلى جانب تعيين طارق الصنهاجي رئيسًا للهيئة المغربيّة لسوق الرساميل.

ويؤكّد مشروع قانون المالية لسنة 2026 التزام المملكة بمسار “المغرب الصاعد”، الذي يوازن بين النّمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والتّنمية المستدامة، في أفق ترسيخ نموذج تنموي متكامل قائم على الإنصاف والفعّالية.