بدأ المغرب يرسّخ موقعه كوجهة صناعيّة استراتيجيّة في قطاع السيّارات، مستفيدًا من مزايا تنافسيّة جعلت أوساطًا اقتصاديّة إسبانيّة تدق ناقوس الخطر بشأن مستقبل الصّناعة في الجارة الشّماليّة.
وحسب تقرير لصحيفة لاراثون الإسبانيّة، تمكّن المغرب من جذب استثمارات كبرى لشركات عالميّة مثل “رونو” و”ستيلانتيس”، وتطوير بنية تحتيّة لوجستيّة متقدّمة، على رأسها ميناء طنجة المتوسّط، بما يعزّز موقعه كلاعب رئيسي في سلاسل الإمداد العالميّة.
ويحتضن المغرب ثلاث منشآت كبرى لإنتاج السيّارات: مصنع “سوماكا” بالدار البيضاء، ومصنع طنجة التّابع لرونو، إضافةً إلى منشآت “ستيلانتيس” في القنيطرة، بطاقة إجماليّة تناهز 900 ألف وحدة سنويًا، مع خطط لرفع الإنتاج إلى مليونيْ سيّارة بحلول نهاية العقد.
ويعتمد تفوّق المغرب التّنافسي على ثلاثة عناصر رئيسيّة:
تكلفة الطّاقة: أقل من إسبانيا، مع إمكانات واسعة في الطّاقات المتجدّدة.
تكلفة النّقل: تنافسيّة بفضل القرب الجغرافي والبنية المينائيّة، خصوصًا طنجة المتوسّط.
تكلفة اليد العاملة: 106 دولارات فقط لكل سيّارة مقابل 955 دولارًا في إسبانيا، أي أقل بتسع مرّات.
هذا الفارق يضع إسبانيا أمام تهديد مباشر، خصوصًا وأنّ قطاع السيّارات يشكّل 10% من ناتجها المحلّي الإجمالي ويشغّل أكثر من 9% من اليد العاملة، مع اعتماد 88% من الإنتاج على التّصدير.
ويشير التّقرير إلى أنّ المغرب تجاوز بالفعل دولًا مثل اليابان في صادرات السيّارات إلى أوروبا، وأنّ احتمالية نقل إنتاج طرازات جديدة مثل Citroën C4 من مدريد إلى المغرب بحلول 2027 قد يعمّق أزمة الصّناعة الإسبانيّة.
بهذا، يجد المغرب نفسه في موقع متقدّم كقوّة صاعدة في صناعة السيّارات، فيما تواجه إسبانيا تحدّيًا استراتيجيًّا للحفاظ على موقعها ضمن أكبر المنتجين الأوروبيّين.