في ظل تحولات جيوسياسية متسارعة، تفتح دول الساحل الثلاث: مالي، النيجر وبوركينا فاسو، صفحة جديدة من تحالفاتها الدولية، واضعة المملكة المغربية في قلب استراتيجيتها البديلة للانفصال عن المحاور التقليدية مثل فرنسا والجزائر ومجموعة “الإيكواس”.

وكشفت بوابة “بيزنيس إنسايدر إفريقيا” أنّ الرباط باتت تمثل ركيزة محورية لهذا التحول، حيث تنظر العواصم الثلاث إلى المغرب كجسر اقتصادي ودبلوماسي حيوي، يمكن من خلاله فك العزلة عن أراضيها الحبيسة وربط اقتصاداتها بالمحيط الأطلسي والأسواق الدولية.

ووفق التقرير ذاته، فإن لقاءً رفيع المستوى جمع وزراء خارجية الدول الثلاث بالعاهل المغربي الملك محمد السادس، تم خلاله إعلان الانخراط الكامل في مبادرة “الولوج إلى المحيط الأطلسي”، التي أطلقتها الرباط كحل استراتيجي يمنح هذه الدول ممرًا خارج هيمنة التكتلات الإقليمية السابقة.

وتأتي هذه الخطوة في وقت تتولى فيه المجالس العسكرية مقاليد الحكم في الدول الثلاث بعد سلسلة من الانقلابات، وهو ما أفرز ميلاد تكتل جديد تحت مسمى “تحالف الدول الثلاث” (AES)، يسعى لتقوية استقلالية القرار السياسي والاقتصادي عبر شراكات مغايرة.

ويُعد العرض المغربي، حسب المجلة، بمثابة طوق نجاة اقتصادي، بفضل ما يتيحه من منافذ تجارية بحرية عبر الموانئ المغربية، ويقلل من تبعية هذه الدول لمنافذ “الإيكواس” في بنين وساحل العاج والسنغال.

المبادرة المغربية، التي أُعلنت لأول مرة في نونبر 2023، تتجاوز بعدها الاقتصادي لتأخذ طابعًا جيوستراتيجيا يعزز مكانة المغرب كفاعل محوري في غرب إفريقيا، ويعيد رسم خريطة التحالفات من بوابة التكامل والتنمية المشتركة.

ولم يكن التحرك المغربي محصورًا في الجوانب الاقتصادية، إذ لعبت الرباط دورًا دبلوماسيًّا فاعلًا في الإفراج عن أربعة مواطنين فرنسيين ببوركينا فاسو، بعد اعتراف باريس بسيادة المغرب على الصحراء، في إشارة إلى متانة الروابط الجديدة بين المغرب والقيادات العسكرية الصاعدة في الساحل.

وتعكس الاستثمارات المغربية الضخمة في قطاعات الفلاحة والخدمات المالية، إلى جانب مشروع الميناء الاستراتيجي في الداخلة بقيمة مليار دولار، حجم الرهان المغربي على التموقع جنوب الصحراء، في مشهد يتغير بسرعة ويُعيد ترتيب موازين القوى بالمنطقة.