واصل المجلس الأعلى للسّلطة القضائية خلال عام 2024 تنفيذ إصلاحات مؤسّساتية عميقة، تهدف إلى الارتقاء بجودة العدالة وترسيخ الثّقة في المنظومة القضائية، من خلال تطوير أدوات التّتبّع والتّقييم وتكريس مبادئ الشّفافية والنّجاعة.

ووفق ما ورد في التّقرير السّنوي للمجلس لسنة 2024، فقد استكمل المجلس هيكلة الأقطاب القضائية الثّلاثة — المدني، والجنائي، والمتخصّص — ومكّنها من مباشرة مهامّها كاملةً في رصد مؤشّرات الأداء وتحليل الإحصائيات القضائية، بما يسمح بتحسين تدبير القضايا وضمان حسن سير المحاكم.

كما أطلق المجلس مبادرات عملية لتعزيز فعّالية العمل القضائي، أبرزها تفعيل مبدأ “الأجل المعقول” من خلال تحديد آجال استرشادية للبت في مختلف أنواع القضايا، وتطوير نظام معلوماتي حديث لتتبّع مدى احترام هذه الآجال، ممّا أتاح أدوات دقيقة لقياس الأداء وتقييم جودة الخدمات القضائية.

وفي سياق دعم الشّفافية والانفتاح، واصل المجلس نشر الاجتهادات القضائية والدّوريّات التّنظيمية، بما يعزّز الحق في الوصول إلى المعلومة ويرسّخ قيم النّزاهة والأمن القضائي، ويقوّي ثقة المواطنين في القضاء كمؤسّسة ضامنة للعدالة.

كما شهدت البوّابة الرّقمية لقرارات محكمة النّقض، التي أُطلقت سنة 2022 وطُوّرت لاحقًا في 2024، توسّعًا لافتًا في قاعدة بياناتها، حيث ارتفع عدد القرارات المنشورة من 13 ألفًا و206 قرارات في 2022 إلى نحو 36 ألف قرار في 2024. وشمل هذا التّطوّر أيضًا قرارات محاكم الاستئناف التي بلغت 688 قرارًا خلال السّنة نفسها، مقابل 110 قرارات فقط في 2022.

وقد عرفت البوّابة القضائية إقبالًا متزايدًا، إذ تجاوز عدد زوّارها أربعة ملايين خلال عام 2024، ما يعكس مكانتها كمصدر رسمي وموثوق للمعلومة القانونية والاجتهادات القضائية.

وفي الإطار ذاته، شكّلت الدّوريّات الصّادرة عن الرّئيس المنتدب للمجلس أداة محورية في تأطير العمل القضائي، إذ ساهمت في توحيد الممارسات المهنية وإطلاع القضاة على المستجدّات القانونية والتّنظيمية، ممّا يعزّز التّنسيق والانسجام داخل الجسم القضائي.

بهذه الخطوات المتكاملة، يواصل المجلس الأعلى للسّلطة القضائية ترسيخ مقاربة حديثة لتدبير العدالة، قائمة على الرّقمنة والشّفافية والكفاءة، في سبيل قضاء أكثر فعّالية وإنصافًا.