لا شك أن التحول الديمقراطي الذي تمر به البلاد، وما يصاحبه من إرهاصات تجعل النهوض بقدرات الفاعل المدني القانونية، بحكم المسؤوليات الكبيرة التي أضحى المجتمع المدني يتحملها بعد دستور 2011، إستجابة لتعدد وظائفه وأدواره في المجالات الاجتماعية، الثقافية التنموية والخيرية،أمراً ضرورياً وملحاً.

إن الاستراتيجية التي تتبعها عدد من هيئات المجتمع المدني،  في الأخذ بزمام التحدي في تحقيق أهدافها و تنظيم برامجها، أبانت عن مستوى عال من الإحترافية، و الإعتبار بالمصلحة العامة لحاجيات المجتمع المدني، خاصة منه ما يخص التأطير و التكوين القانوني لنشطاء المجتمع المدني .

إن حضور واحد من الأنشطة الأكاديمية الجهوية التي أقامتها جمعية ” آفاق لتأهيل وإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة”، بمدينة العيون يومع السبت السابع من يوليوز 2018، حول :”المجتمع المدني بين الممارسة والمسؤولية”، كان كفيلاً بإثارة عدد من الأسئلة و الإشكالات المرتبطة بعمل المجتمع المدني في ذهن المتلقي.

فالندوات الجهوية و الوطنية، التي تثير نقاط مرتبطة بالموضوع، كما التوصيات الحاثة على تجويد مكانة و منتوج النشاط الجمعوي،  أشخاصا و مؤسسات ،تجعل التفكير ملياً في ضرورة التكوين المستمر في المجال القانوني وخصوصا المستجدات منه، لتقوية قدرات المجتمع المدني في آليات الترافع، ثم إعادة النظر في شروط تأسيس الجمعيات، وضرورة التنصيص على عقوبات في مواجهة الإدارة في حالة عدم الإلتزام بالآجال و المسطرة القانونية فيما يخص التبليغ.

ورغم أهمية هكذا مبادرات هادفة و نوعية، فإن الإشكالية الحقيقية تتمثل فيما قد يحصل يحص تفاعل المجتمع المدني مع الهيئات الرسمية والحكومية والجهوية،  تتعلق بصيرورة المشاركة وآليات الإنتاج المشترك للسياسات العمومية.

و كما سبق لأحد أبرز الباحثين في هذا الحقل على المستوى الوطني، الامر هنا يتعلق بالأستاذ سعيد بنيس، فإن استراتيجيات المجتمع المدني في الحراك الاجتماعي متنوعة ومتعددة، تتراوح بين الالتزام السياسي والدفاع عن المطالب الاجتماعية وإبداع المبادرات التطوعية والرفع من العمل المحلي، أما مجالات اشتغاله فتتمحور حول ميادين التربية ومحاربة الأمية والحملات الطبية والتحسيسية في المناطق الهشة، مما يجعل استشراف تطور دور المجتمع المدني في علاقته مع المستجدات الكونية والإقليمية مرتبط أساساً بقضايا جيوسياسية وإنسانية.

و يبقى السؤال المفتوح هنا، متعلقاً بالمسار الذي سيتخذه المجتمع المدني في علاقته مع الدولة، هل نتحدث عن الاستئناس؟ أم التنفيذ والاقتراح والبناء المشترك  للقوانين؟ أو هي المعارضة والانتقال إلى منطق الاحتجاج والحركات الاجتماعية؟