في تطوّر غير مسبوق على مستوى التّعاطي الدّولي مع ملف الصّحراء، كشفت مسودّة مشروع القرار الجديد، الذي ينتظر أن يصوّت عليه مجلس الأمن في 30 أكتوبر 2025، عن تحوّل نوعي في موقف الولايات المتّحدة، بصفتها صاحبة القلم في هذا الملف، من خلال فرض جدول زمني دقيق للمفاوضات بين الأطراف المعنيّة، تمهيدًا لخطوات عمليّة أكثر حسمًا.
وما تزال المسودّة بصيغتها الأوّليّة وقيد التّداول بين الدّول الأعضاء الـ15، إلاّ أنّها تعكس تفاعلًا مباشرًا مع المتغيّرات المتسارعة التي يشهدها النّزاع، خاصّةً في ظل توقّعات دبلوماسيّة مغربيّة بقرب التّوصّل إلى تسوية نهائية بالتّزامن مع الذّكرى الخمسين للمسيرة الخضراء.
الوثيقة المدعومة بشكل صريح من فرنسا والمملكة المتّحدة، وبدون اعتراضات متوقّعة من الصين وروسيا، ترسم ملامح مرحلة جديدة في معالجة الملف، تقوم على أولويّة الحل السّياسي الواقعي، وتُقصّر أفق التّفاوض على المقترح المغربي القاضي بالحكم الذّاتي تحت السّيادة المغربيّة، بوصفه الإطار الوحيد القابل للتّنفيذ والمطابق للمعايير الدّوليّة.
وفي خطوة تحمل دلالات قويّة، تقترح المسودة تقليص ولاية بعثة الأمم المتّحدة “المينورسو” إلى ثلاثة أشهر فقط بدل سنة، على أن تنتهي في 31 يناير 2026، مرفقة بدعوة صريحة لجميع الأطراف – بما فيها الجزائر – إلى الانخراط في مناقشات مباشرة دون شروط مسبقة، وعلى أساس المقترح المغربي حصريًا.
كما تدعو الوثيقة إلى إعادة تقييم جوهر مهام “المينورسو”، إذ تضع على الطّاولة مقترحًا بتحويل أو إنهاء البعثة بشكل كامل، على ضوء نتائج المفاوضات المرتقبة، ممّا يُنذر بطي صفحة الاستفتاء نهائيًا لصالح خَيار الحكم الذّاتي.
وتنص المسودّة أيضًا على أن يقدّم الأمين العام للأمم المتّحدة ومبعوثه الشّخصي إحاطات دوريّة للمجلس، بما في ذلك تقرير مرحلي في غضون ستّة أسابيع من بدء الولاية الجديدة للبعثة، مع إمكانية تقديم تقارير إضافيّة حسب الحاجة.
ورغم ما تحمله من إشارات واضحة لتغيير قواعد اللّعبة، فإنّ المسودّة تجنّبت استخدام أي تعبيرات يمكن تأويلها كدعم لخَيار أحادي، مع التّأكيد على التّفاوض كسبيل وحيد، ضمن إطار زمني محدّد، وعلى أساس ما اعتُبر “الخَيار الأكثر جدوى وواقعية” الذي يضمن للصّحراويين ممارسة حقّهم داخل مقترح الحكم الذّاتي.