أيام قليلة تفصلنا عن شهر ديسمبر، الموعد الذي حدده المبعوث الشخصي للامين العام للأمم المتحدة المكلف بقضية الصحراء “هورست كولهر”، في جنیف لعقد محادثات مباشرة بين مختلف أطراف النزاع يومي الـرابع و الخامس من الشهر المقبل.

الشهر الذي من المنتظر أن يعيد الملف إلى مائدة التفاوض بعد أحد عشر سنة من التوقف، منذ تاريخ يونيو 2007 بضاحية مانهاست، بالعاصمة الأمريكية واشنطن، حيث جلس ممثلو المملكة وجهاً إلى وجه مع وفد جبهة البوليساريو تحت مظلة أممية.

تختلف هذه المفاوضات عن سابقاتها، خصوصاً و أنها تجرى وفق جدول مفصل سبق عرضه على مجلس الأمن، وبمشاركة متوازنة لمختلف الأطراف بمن الدول المراقبة للنزاع الجزائر ثم موريتانیا، التي تحضر القمة مدعومة بآلیة قمة نواكشوط للاتحاد الإفريقي، وبموظف أممي سابق يرأس خارجیتھا.

من سيفاوض من ؟

المغرب و في إنتظار إعلان أسماء وفده الرسمي، ينتظر أن يشرك في الوفد الرسمي الممثل للمملكة في المحادثات، وجوهاً صحراوية كما هو الحال مع المفاوضات السابقة حيث سبق و أن شارك كل من : خليهن ولد الرشيد (رئيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية) ، خليهن ماء العينين (الأمين العام لذات المجلس) ثم محمد صالح التامك الوالي السابق لجهة واد الذهب الكويرة.

فيما تشير التوقعات الإعلامية إلى إشراك قاعدة الممثلين المحليين للساكنة، الذين يكتسبون قوة تمثيليتهم من الانتخابات الجهوية الأخيرة التي وصفت في الأوساط الدولية بالنزيهة، و يتعلق الأمر بكل من مولاي حمدي ولد الرشيد عمدة العيون و القيادي البارز بحزب الاستقلال، ثم حمدي ولد الرشيد رئيس مجلس جهة العيون الساقية الحمراء، فضلاً عن الخطاط ينجا رئيس جهة الداخلة واد الذهب.

من جانبها كشفت مصادر قيادية في جبهة البوليساريو، أنّ الوفد الذي سيشارك في محادثات “جنيف”، سيكون مُشكّلاً من “خطري الدّوه” رئيس برلمان “الجبهة”، و “امحمد خدّاد” منسق  “جبهة البوليساريو” مع بعثة المينورسو، إضافة إلى أسماء أخرى ستنضاف دون المساس بالوفد الرّئيسي، في إشارة إلى إشراك أحد الوجوه النّسائية بجولة المحادثات المقبلة.

فيما كانت الجبهة قد فاوضت سابقاً بكل من : “محفوظ علي بيبا”، رئيساً للوفد،  ثم “بشير راضي”  مستشارا الراحل محمد عبد العزيز آن ذلك، إضافة إلى “أحمد بخاري” الممثل في الأمم المتحدة، وكل من “إبراهيم غالي” ، “محمد خداد” و “سيدي محمد عمر”.

 

جلسات حوار بمفاجئات منتظرة

مصادر أممية، أكدت أن جلسات الحوار المباشرة بين فرقاء ملف الصحراء، ستشهد مفاجئات لمختلف الأطراف،  متعلقة بمعطیات دقیقة معدة لتهيئة أرضية انفتاح على  شروط الحل.

 

إلى ذلك يظهر على الساحة كل من الإتحادين الأوروبي و الإفريقي، الذين باشرا ضغوطاً متفاوتة على الأطراف من أجل نقاش جدي للملف العالق، من جانبه يؤجل الاتحاد الأوروبي توقيع اتفاق الصید البحري مع المغرب ، فيما يدعم الاتحاد الإفريقي مسار التفاوض من خلفية اعترافه بـ”جمهورية صحراوية”، معلقاً إصلاحاته لمجلس السلم و الأمن، فيما تستخدم الأمم المتحدة ورقة إعادة هيكلة بعثة المينورسو للضغط على مختلف الأطراف.

 

ما المقصود بحل إنتقالي ؟

جولة المفاوضات، ستنطلق إذن ديسمبر المقبل بحدود قد يكون تصريح المبعوث الشخصي في آخر جلسات مجلس الأمن الدولي، قد رسم معالمها حين لفظ:  ”حل انتقالي عبر الانتخابات لإدارة الصحراويین لشؤونھم، بعد تأمین الأمم المتحدة لكل ولايتھا من أجل عودة شاملة للاجئین، مع بقاء مھمة بعثة الأمم المتحدة مشرفة على كل الخطوات على الأرض”.

 

مقاربة “كوھلر” هذه تسير باتجاه توافقي بين أطراف النزاع على شكل الحكم، الذي تنقل بموجبه دولة المخیمات إلى الإقلیم الصحراوي، ضمن ما قرره المغرب بخصوص إدارته المستقلة لإقلیم الصحراء، و تستند الورقة التي أعدها “كوهلر” دائماً محل التفاوض، إلى محددات أهمها “التمثيل الشرعي”، “العودة غير المشروطة للاجئين” ثم “إيجاد بروتوكول أمني جديد” وعدم الاكتفاء باتفاق وقف إطلاق النار لـ 1991 ،تبعا للتطورات، ودائما طبقا لتوصیات مجلس الأمن.

 

من جانبها لا ترى المملكة أي أفق للحل خارج مقترح الحكم الذاتي، الذي تعتبره سقفاً للتفاوض غير قابل للرفع.