مع نهاية العطلة الصّيفيّة وبداية الدّورة السّياسيّة الخريفيّة، تدخل حكومة عزيز أخنوش سنتها الأخيرة من الولاية الحاليّة في ظرفيّة استثنائيّة تُمهّد مباشرة للانتخابات التّشريعيّة لسنة 2026. استحقاق يوصف في كواليس السّياسة المغربيّة بـ”حكومة المونديال”، في إشارة إلى الرّهانات الكبرى المرتبطة بتنظيم المغرب لكأس العالم 2030، وما يفرضه ذلك من متطلّبات داخليّة وخارجيّة على الحكومة المقبلة.

خلال هذه السّنة، تتحوّل السّاحة السّياسيّة إلى ما يشبه معركة تمهيديّة مفتوحة، حيث تجد الأغلبيّة نفسها مطالَبة بتبرير حصيلة خمس سنوات من التّدبير وسط ضغوط اجتماعيّة واقتصاديّة متزايدة، فيما تستعد المعارضة لاقتناص فرصة الغضب الشّعبي وتوظيفه كورقة انتخابيّة. ملفّات التّعليم والصحّة والشّغل، إلى جانب غلاء المعيشة، ستشكّل المحاور الأكثر سخونة في مواجهة سياسيّة ستختبر قدرة كل طرف على إقناع النّاخبين.

في قلب هذه المعادلة، يسعى حزب التّجمع الوطني للأحرار، بقيادة أخنوش، إلى ضمان ولاية ثانية تُرسّخ مشروعه السّياسي، بينما يترقّب حزب الأصالة والمعاصرة بقيادة فاطمة الزهراء المنصوري لحظة الصّعود إلى الصّدارة. أمّا حزب الاستقلال برئاسة نزار بركة، فيحاول استعادة مكانته التّقليديّة عبر خطاب نقدي موجّه ضد الحكومة الحاليّة، رغم مشاركته فيها.

على الضفّة الأخرى، تسعى أحزاب المعارضة إلى إعادة التّموضع. حزب العدالة والتّنمية يريد استعادة موقعه بعد هزيمته القاسية في 2021، فيما يقدّم حزب التّقدّم والاشتراكيّة نفسه بديلًا يساريًّا عقلانيًّا. أمّا الحركة الشّعبيّة فتراهن على خبرتها في بناء التّحالفات وقدرتها على تعزيز حضورها في القرى والجبال.

المحلّلون يرون أنّ هذه السّنة ستكون بمثابة “بروفة انتخابيّة” كبرى. فبحسب أستاذ العلوم السّياسيّة محمد جبور، الرّهان لا يقتصر على نتائج صناديق الاقتراع، بل يرتبط أيضًا بصورة المغرب الدّوليّة في أفق تنظيم المونديال، وهو ما يجعل الحكومة المقبلة أكثر من مجرّد أغلبيّة سياسيّة، بل واجهة دولة أمام العالم.

أما المحلل إدريس الكرماوي فيعتبرها “سنة المكاشفة مع الشّارع”، مؤكّدًا أنّ الحكومة أخفقت في الوفاء بوعودها، من خلق مليون منصب شغل إلى تخفيض أسعار المحروقات، في وقت واجه فيه المواطنون موجة غلاء غير مسبوقة. ويرى أنّ انتخابات 2026 ستكون بمثابة استفتاء شعبي على حصيلة أخنوش، التي وصفها بأنّها “هشّة وغير مقنعة”.

هكذا، تبدو السّنة السّياسيّة الجديدة كساحة مواجهة كبرى، حيث تتقاطع الحسابات الانتخابيّة بالرّهانات الاستراتيجيّة، ويظل السّؤال الأبرز: هل ينجح حزب الحمامة في الصّمود لولاية ثانية، أم تفرز صناديق الاقتراع “حكومة المونديال” بتوازنات جديدة كليًّا؟