رفضت وزارة الدّاخليّة الجزائريّة منح التّرخيص لمسيرة وطنيّة سلميّة، دعت إليها 12 هيئة سياسيّة بالبلاد، للتّعبير عن التّضامن مع الشّعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزّة. وجاء قرار الرّفض في رسالة رسميّة حذرة دعت إلى الاقتصار على تنظيم وقفات داخل القاعات المغلقة، ممّا يُعدّ تقييدًا عمليًّا لحق التّظاهر ويُقلّص من رمزيّة التّضامن الجماهيري في قضيّة إنسانيّة حسّاسة.
يأتي هذا القرار في وقت تستمر فيه الجزائر في تصدير خطاب رسمي حماسي حول دعم القضيّة الفلسطينيّة ورفض التّطبيع، غير أنّ منعها للتّظاهرات الشّعبيّة يبرز تناقضًا بين الخطاب والممارسة، ويُظهر خشيتها من انتقال روح الاحتجاج إلى الشّارع.
الهيئات السّياسيّة التي دعت إلى المسيرة، التي كان من المقرّر تنظيمها في العاصمة الجزائريّة في بداية شهر غشت، أكّدت من خلال بيانها “الجزائر مع فلسطين.. ضد التّجويع والتّهجير” رفضها للعدوان، غير أنّ السّلطات اختارت استبقاء المعركة في فضاءات مغلقة خالية من التّعبير الجماهيري الواسع.
وتكرّر الجزائر منعها لتظاهرات مماثلة ودفعها إلى تفريقها مع توقيفات مؤقّتة لنشطاء، في مشهد يعكس قمعًا ممنهجًا للفضاء المدني، مقابل تواصل الاحتجاجات الشّعبيّة اليوميّة في المغرب، حيث شهدت مختلف المدن مسيرات حاشدة متواصلة بدعم واسع من المجتمع المدني والهيئات الحقوقيّة دون تدخّلات أمنيّة.
هذا، وتعكس هذه المفارقة الكبيرة بين المغرب والجزائر في إدارة الحراك التّضامني مع فلسطين، عمق التّناقض بين حماية التّعبير الشّعبي في المغرب مقابل تقليصه في الجزائر، رغم ما تدّعيه الأخيرة من تبنّيها الرّسمي للقضيّة الفلسطينيّة كأولويّة وطنيّة.