في إطار المداولات الجارية داخل مجلس الأمن الدّولي حول مشروع القرار الأمريكي المتعلّق بقضيّة الصّحراء المغربيّة، أعلنت جبهة البوليساريو تقديم مقترح رسمي للأمين العام للأمم المتّحدة، معتبرةً هذه الخطوة بمثابة “مبادرة حسن نيّة” واستجابة مباشرة لقرارات المجلس. وتسعى الجبهة الانفصالية من خلال هذا المقترح إلى إعادة تأكيد خيار استفتاء تقرير المصير، الذي ظلّت تتمسّك به لعقود.

وجاء في البيان الصّادر عن ما يُدعى بـ”ممثّل البوليساريو” في نيويورك أنّ هذه المبادرة تهدف إلى تحميل كافّة الأطراف المعنيّة مسؤولية مشتركة لإنهاء النّزاع، بما يضمن تمكين الشّعب الصّحراوي من حقّه في تقرير المصير. وأوضح البيان أنّ المقترح المقدّم في 10 أبريل 2007، الذي أُحيط به مجلس الأمن في قراره 1754 (2007) وما تبعه، يركّز على إجراء استفتاء تحت إشراف الأمم المتّحدة والاتّحاد الإفريقي، مع استعداد “الدّولة الصّحراوية” لإقامة علاقات استراتيجية مع المغرب.

وأكّدت البوليساريو استعدادها لتحمّل “فاتورة السّلام” بالتّعاون مع الطّرف المغربي، شرط وجود إرادة سياسية متبادلة تسهم في الوصول إلى تسوية عادلة ومستدامة تحترم مبادئ الأمم المتّحدة والاتّحاد الإفريقي، حسب ما جاء في الوثيقة التي نقلت رسالة زعيم الجبهة إبراهيم غالي إلى الأمين العام أنطونيو غوتيريش.

هذه الخطوة تعكس رغبة الجبهة في تقديم نفسها كطرف منفتح على الحوار، في وقت يميل فيه مجلس الأمن إلى تبنّي مقترح الحكم الذّاتي المغربي، الذي بات يحظى باعتراف متزايد من القوى الدّولية الكبرى كحل واقعي للنّزاع.

وفي سياق متّصل، وزّعت الولايات المتّحدة الأمريكية على الأعضاء الدّائمين في مجلس الأمن الدّولي مسودّة مشروع قرار تدعم فيها مقترح الحكم الذّاتي المغربي كإطار وحيد وواقعي لاستئناف المفاوضات، مؤكّدةً دعم الرّئيس الأمريكي لموقف المغرب، وداعيةً الأطراف كافّة إلى المشاركة في مفاوضات بدون شروط مسبقة. كما تتضمّن المسودّة تمديد ولاية بعثة الأمم المتّحدة للاستفتاء في الصّحراء (المينورسو) حتّى يناير 2026، مع متابعة دوريّة من الأمين العام لمجلس الأمن.

بدوره، أعلن المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشّرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أنّ فريقه يعتزم العمل على اتّفاق سلام بين المغرب والجزائر خلال فترة قريبة، مع تأكيد دعم الإدارة الأمريكية لسيادة المغرب على الصّحراء وفتح قنصليّة أمريكية تعزّز هذا الموقف.

وتعكس هذه التّطوّرات حالة من التّصعيد الدّبلوماسي المتوازن بين سعي البوليساريو لإعادة تشكيل خطابها السّياسي، مقابل الدّعم الدّولي المتزايد لمقترح الحكم الذّاتي المغربي، وسط استمرار جهود الوساطة لتحقيق تسوية سياسية نهائية للنّزاع.