أثارت واقعة انتحار أستاذ يعمل بإحدى المؤسّسات التّعليميّة التّابعة لمديريّة مولاي رشيد بالدار البيضاء، ردود فعل متزايدة داخل الأوساط التّربويّة والبرلمانيّة، عقب انتشار قصّته بشكل واسع على منصّات التّواصل الاجتماعي، في سياق يُرجَّح أنّ له ارتباطًا بقرار توقيفه المؤقّت عن العمل.

وفي هذا السّياق، وجّهت النّائبة البرلمانيّة عن حزب الأصالة والمعاصرة، نجوى ككوس، سؤالًا كتابيًا إلى وزير التّربية الوطنيّة والتّعليم الأوّلي والرّياضة، محمد سعد برادة، دعت من خلاله إلى فتح تحقيق شفّاف في ملابسات هذه الوفاة المأساويّة، وترتيب الآثار القانونيّة اللاّزمة في حال ثبوت تقصير أو شطط في استعمال السّلطة.

وبحسب المعطيات التي استندت إليها البرلمانيّة، فإنّ الأستاذ كان قد مُنع من توقيع محضر الخروج يوم 5 يوليوز، أي قبل يوم من وفاته، معتبرةً أنّ الوضعيّة النّفسيّة التي مرّ بها قد تأزّمت بفعل قرار التّوقيف الإداري، في ظل غياب مواكبة حقيقيّة لحالته المهنيّة والشّخصيّة.

وتشير وثيقة رسميّة (رائجة) صادرة عن المديريّة الإقليميّة مولاي رشيد، إلى أنّ توقيف الأستاذ تمّ بتاريخ 24 يناير 2025، بسبب “إخلالات مهنيّة” وُصفت بأنّها شملت الغياب غير المبرّر، رفض توقيع الوثائق، وعدم احترام أوقات العمل. كما أوضحت ذات الوثيقة التي نُشرت على وسائل إعلام محليّة، أنّ هذا التّوقيف يترتّب عنه تجميد الأجرة إلى حين صدور القرار التّأديبي النّهائي.

لكن المديريّة نفسها سارعت إلى إصدار بلاغ توضيحي في 7 يوليوز، نفت فيه أن يكون راتب الأستاذ قد تمّ توقيفه، مؤكّدةً توصّله بأجره عن شهر يونيو، وتعهّدت بصرف مستحقاته لذويه، في ما يبدو أنّه محاولة لامتصاص تداعيات الحادثة.

ودعت البرلمانية ككوس، في سؤالها، إلى ضرورة إحداث خلايا للدّعم النّفسي داخل المؤسّسات التّعليميّة، والاهتمام بالأعباء النّفسيّة التي يتحمّلها رجال ونساء التّعليم، خصوصًا في حالات تتعلّق بشكايات كيديّة أو قرارات تأديبيّة غير مصحوبة بإجراءات تأطيريّة واضحة.

واعتبرت أنّ هذه الحادثة المأساويّة، تعيد طرح إشكالية غياب آليات الوساطة داخل المنظومة التّربويّة، مشدّدةً على أهميّة مراجعة مساطر التّوقيف المؤقّت، وتوفير ضمانات إداريّة وإنسانيّة تحمي كرامة وحقوق العاملين بالقطاع.