دخلت السّاحة السّياسية المغربيّة مرحلة حراك متسارع مع اقتراب انتخابات 2026، حيث بادرت الأحزاب إلى تكثيف اجتماعاتها الدّاخليّة وصياغة مذكّراتها الإصلاحيّة، تجاوبًا مع التّوجيهات الملكيّة الدّاعية إلى إطلاق مشاورات موسّعة بشأن الاستحقاقات المقبلة. هذه الدّينامية تُوِّجت بلقاء رسمي جمع وزير الدّاخليّة عبد الوافي لفتيت بممثّلي الأحزاب، سواء الممثّلة في البرلمان أو خارجه، في خطوة اعتبرها مراقبون إشارة واضحة على انطلاق ورش انتخابي حاسم.
وفي الأسابيع الأخيرة، تحوّلت مقرّات الأحزاب إلى منصّات مفتوحة للنّقاش، بين لقاءات حضوريّة وأخرى رقميّة، من أجل بلورة تصوّراتها. فبينما حسمت بعض الأحزاب، مثل التّقدّم والاشتراكيّة والعدالة والتّنمية، في مذكّراتها النّهائيّة وأودعتها لدى وزارة الدّاخليّة، ما تزال أحزاب أخرى تواصل نقاشات مطوّلة لصياغة تصوّراتها النّهائية.
وتتركّز مقترحات الأحزاب على قضايا جوهريّة، أبرزها تحديث اللّوائح الانتخابيّة بشكل دوري، تعزيز تمثيلية النّساء والشّباب داخل البرلمان، تقوية آليات المراقبة لضمان نزاهة الاقتراع، واعتماد قواعد أكثر شفافية في تمويل الحملات الانتخابية. كما تشمل المقترحات فتح المجال أمام مشاركة أوسع لمغاربة العالم، وتوسيع استعمال الرّقمنة في العمليّة الانتخابيّة من خلال نشر محاضر مكاتب التّصويت إلكترونيًّا وتسهيل تتبّع التّمويل السّياسي عبر منصّات رقميّة.
ويؤكّد حزب التّقدّم والاشتراكيّة، الذي صادق على مذكّرته النّهائيّة، أنّ الانتخابات المقبلة ليست مجرّد محطّة تقنية، بل مدخل لإعادة بناء الثّقة بين المواطن والمؤسّسات، داعيًا إلى إصلاح شامل يربط بين القوانين وفعّالية الأداء البرلماني. أمّا العدالة والتّنمية، فشدّد في مذكّرته على ضرورة إبعاد الإدارة عن مسار الاقتراع، وإقرار آليات جديدة للطّعن تضمن الشّفافية الكاملة.
من جهته، يرى حزب الحركة الشّعبية أنّ نجاح 2026 لن يقاس بالنّصوص فقط، بل بقدرة الإصلاحات على معالجة أعطاب الماضي كضعف المشاركة واستعمال المال، فيما يربط حزب الاستقلال رهانات الإصلاح بالعدالة التّرابية وتعزيز المشاركة الشّعبية، معتبرًا أنّ المحطّة المقبلة فرصة حقيقيّة لترميم الثّقة بين النّاخبين والمؤسّسات المنتخبة.
وبين اختلاف التّصوّرات وتباين الأولويّات، يجمع الفاعلون السّياسيّون على أنّ انتخابات 2026 تمثّل اختبارًا حقيقيًّا لمدى قدرة المغرب على ترسيخ ديمقراطية نزيهة وفعّالة، تُعيد الاعتبار للممارسة السّياسية وتمنح المواطن دورًا محوريًّا في صناعة القرار.