وسط استمرار الحصار الإسرائيلي الخانق على قطاع غزّة منذ أكثر من شهريْن، تشهد المناطق الشّماليّة موجة غير مسبوقة من الفوضى وأعمال النّهب، مع دخول الوضع الإنساني مرحلة حرجة تهدّد بانهيار كامل للنّظام الإجتماعي.
وأكّدت مصادر ميدانيّة من السكّان المحليّين وفرق الإغاثة تصاعد وتيرة اِقتحام المستودعات والمتاجر والمخابز من قبل مجموعات مسلّحة وأخرى مدنيّة، بحثًا عن الغذاء والإمدادات الطبيّة الشّحيحة، في ظل غياب تام لأي مؤشّرات على انفراج الأزمة.
وجاءت هذه التّطوّرات بعد توقّف وقف إطلاق النّار الأخير الذي أعلنته إسرائيل في مارس، حيث شدّدت تل أبيب حصارها بهدف الضّغط على حركة حماس للإفراج عن 59 رهينة، يُعتقد أنّ 24 منهم قد فارقوا الحياة.
في هذا السّياق، نبّهت المفوضيّة السّامية لحقوق الإنسان إلى أنّ استخدام التّجويع كسلاح ضدّ المدنيّين قد يرقى إلى جريمة حرب، في حين حذّرت منظّمات الإغاثة من أنّ قطاع غزّة بات فعليًّا على شفا مجاعة واسعة النّطاق.
وبحسب شهادات وبيانات أمنيّة، بدأت موجة الإقتحامات مساء الأربعاء، حيث استهدفت مجموعة مسلّحة مخبزًا بمدينة غزّة بعد انتشار شائعات عن وجود مواد غذائيّة بداخله، ليتّضح لاحقًا أنّه خالٍ تمامًا. ولم تمضِ ساعات حتّى توجّهت الفوضى نحو مطبخ للفقراء تديره وكالة دوليّة بمخيم الشّاطئ، حيث نُهبت محتوياته بالكامل.
وفي مشهد غير مسبوق، اِقتحم آلاف الأشخاص مكتب وكالة “الأونروا” في غزّة، واستولوا على الإمدادات الطبيّة، ممّا دفع موظّفي الوكالة للإنسحاب الفوري حفاظًا على سلامتهم. ووصفت المسؤولة الأمميّة لويز ووتريدج ما يحدث بأنّه انعكاس مباشر “للحرمان القاسي الذي تجاوز كل الحدود”.
واستمرّت أعمال النّهب حتّى مساء الجمعة، حيث اقتُحم مستودعان يتبعان للأمم المتّحدة من قِبَل رجال مسلّحين، بعد أن تغلّبوا على الحرّاس المحليّين، رغم أنّ تلك المخازن كانت شبه فارغة بالفعل.
وتتزايد المخاوف من أن تتحوّل هذه الفوضى إلى حالة انفلات شاملة، في ظل صمت دولي وعجز المنظّمات الإنسانيّة عن احتواء الأزمة أو إيصال المساعدات للمدنيّين المحاصرين.