تواجه الجزائر موجة ضغوط متنامية من الأمم المتّحدة ومنظّمات حقوقيّة دوليّة، على خلفيّة استمرار رفضها السّماح بإجراء إحصاء دقيق لسكّان مخيمات تندوف، الواقعة تحت سيطرة جبهة البوليساريو والمدعومة سياسيًّا وعسكريًّا من قبل السّلطات الجزائريّة. وتتزامن هذه الدّعوات مع تخليد اليوم العالمي للّاجئين، وسط اتّهامات متكرّرة للجزائر بعرقلة أي مسعى جاد لتحديد الأعداد الحقيقيّة للمقيمين بالمخيّمات، خشية انكشاف الفارق الكبير بين الأرقام المعلنة والواقع الفعلي.
وفي هذا السّياق، طالبت المنظّمة المغربيّة لحقوق الإنسان، في بيانٍ رسمي، الجزائر بالوفاء بالتزاماتها التي توافق ماهو منصوص عليه في اتّفاقية جنيف لسنة 1951، داعيةً إلى تمكين سكّان المخيّمات من حقّهم في التّسجيل كلاجئين وضمان حريّتهم في التّنقّل، معتبرةً أنّ استمرار رفض الإحصاء يحرم الآلاف من الحماية القانونيّة ويعرّضهم لممارسات استغلاليّة من قِبل قيادة البوليساريو.
وتُتّهم الجزائر، وفق تقارير أوروبيّة وأمميّة، بتضخيم أعداد “اللّاجئين” لتحقيق مكاسب سياسيّة وماليّة، في ظل غياب الشّفافية ورفضها المتكرّر لتدخّل المفوّضيّة السّامية للأمم المتّحدة لشؤون اللّاجئين، التي لم يُسمح لها حتّى اليوم بإجراء إحصاء ميداني، رغم توصيات متكرّرة من مجلس الأمن بضرورة ذلك.
وتشير تقارير حقوقيّة ميدانيّة إلى أنّ المخيّمات تحوّلت إلى فضاء مغلق تفرض فيه البوليساريو هيمنتها المطلقة، مستغلةً غياب الرّقابة الدّوليّة لتجنيد الشّباب وفرض نظام داخلي غير ديمقراطي، في حين يحذّر نشطاء صحراويّون من أنّ منع الإحصاء يُخفي هشاشة الأوضاع ويعزّز استمرار السّيطرة القسريّة على السكّان.
هذا الوضع يضع الجزائر أمام تساؤلات متزايدة حول احترامها للمواثيق الدّوليّة الخاصّة باللّاجئين، خاصّةً مع تزايد المؤشّرات التي تؤكّد أنّ أيَّ حلٍّ سياسي دائم لنّزاع الصّحراء المغربيّة، يستوجب أوّلًا إحصاءً شفّافًا يحدّد من يحق له المشاركة في التّسوية، خصوصًا في ظل المبادرة المغربيّة للحكم الذّاتي التي تكتسب دعمًا دوليًّا متصاعدًا.
وفي المقابل، تُقدَّم التّجربة المغربيّة كنموذج مغاير في المنطقة، من خلال سياسة لجوء وهجرة تُعلي من الحقوق الإنسانيّة وتراعي الالتزامات الدّوليّة، مقارنةً بما وصفته منظّمات حقوقيّة بـ”الانتهاكات الجسيمة” التي يتعرّض لها “اللّاجئون” في عدد من دول الجوار المغاربي، بينها الجزائر وتونس وليبيا.