أقرّ مجلس الحكومة، خلال اجتماعه الأسبوعي المنعقد اليوم الخميس، مرسومًا جديدًا يقضي بإعادة تنظيم المندوبية الوزاريّة المكلّفة بحقوق الإنسان، في خطوة وُصفت بأنّها تحوّل مؤسّسي يعيد رسم موازين القوّة داخل الجهاز التّنفيذي.
وتتمثّل أبرز مستجدّات هذا القرار في نقل تبعيّة المندوبية من وزارة العدل إلى رئاسة الحكومة، ما يعني عمليًّا وضعها تحت إشراف مباشر لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، بعد أن ظلّت لسنوات خاضعة لوزير العدل عبد اللطيف وهبي. هذا التّحوّل اعتبره مراقبون بمثابة سحب ورقة حسّاسة وذات رمزيّة سياسيّة من يد وهبي، ومنحها لرئاسة الحكومة في توقيت دقيق.
وأوضح مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلّف بالعلاقات مع البرلمان والنّاطق الرّسمي باسم الحكومة، أنّ الهدف من هذه الخطوة هو تعزيز مكانة المندوبية باعتبارها مؤسّسة مرجعيّة عليا في مجال حقوق الإنسان، وضمان قدرتها على أداء أدوار أكثر فاعليّة داخليًّا وخارجيًّا، بما يواكب التزامات المملكة تجاه الآليات الأمميّة والإقليميّة.
المرسوم لم يقتصر على تغيير الوصاية، بل تضمّن أيضًا إعادة هيكلة شاملة تقوم على أربع مديريات أساسيّة:
مديرية إعداد التّقارير الوطنيّة والتّتبّع،
مديرية الدّراسات والرّصد والتّعاون الدّولي والإقليمي،
مديرية التّخطيط والعلاقات مع المجتمع المدني،
مديرية الميزانية والموارد البشريّة والشّؤون العامّة.
هذه الهندسة التّنظيميّة تمنح المندوبية صلاحيات أوسع في مجال التّخطيط والتّنسيق، وكذا الانفتاح على المجتمع المدني، إضافةً إلى تعزيز حضورها في المحافل الدّوليّة وتثمين الخبرات الوطنيّة.
ويرى متابعون أنّ هذا التّحوّل لا يقتصر على البعد الإداري فحسب، بل يحمل دلالات سياسيّة داخليّة واضحة، إذ يفقد وزير العدل إحدى أبرز أوراقه داخل الحكومة، في مقابل تعزيز سلطة رئيس الحكومة على ملف يحظى باهتمام دولي كبير. وهو ما قد يؤثّر على التّوازنات داخل التّحالف الحكومي، ويفتح الباب أمام تساؤلات حول إعادة توزيع النّفوذ بين مكوّناته، في ظل اقتراب نهاية الولاية التّشريعيّة.