تحلّ اليوم الذّكرى المئويّة لإنزال الحسيمة، العمليّة العسكريّة التي نفّذتها القوّات الإسبانيّة بدعم فرنسي في 8 شتنبر 1925، والتي أنهت حرب الريف شمال المغرب، واعتُبرت منعطفاً بارزاً في تاريخ الحروب الحديثة. غير أنّ مرور مئة عام على هذا الحدث يجري في إسبانيا وسط تجاهل رسمي لافت، دون أي إحياء أو احتفال.

صحيفة الإندبندينتي الإسبانيّة نشرت تقريراً موسّعاً أكّدت فيه أنّ وزارة الدّفاع امتنعت عن تخليد هذه المناسبة، وهو ما أثار استياءً داخل الأوساط العسكريّة، في ظل اعتبار قادة الجيش أنّ الغياب الرّسمي ترك المجال مفتوحاً أمام مبادرات فرديّة لملء الفراغ.

ويرى محلّلون أنّ هذا الموقف يعكس رغبة الحكومة الإسبانيّة في تفادي أي توتّر مع المغرب، فضلاً عن حساسية الأسماء المرتبطة بالعمليّة، من بينها ميغيل بريمو دي ريفيرا، وخوسي سانخورخو، وفرانشيسكو فرانكو، الذين ارتبطوا لاحقاً بالانقلابات العسكريّة والدّكتاتوريّة.

واعتبر مؤرّخون أنّ العمليّة شكّلت نموذجاً متقدّماً في حينه، لكونها جمعت بين القوّات البريّة والبحريّة والجويّة تحت قيادة موحّدة، وهو ما جعلها ملهمة لإنزالات لاحقة مثل عمليّة النورماندي في الحرب العالميّة الثّانية، التي درستها الولايات المتحدة أكثر ممّا درستها إسبانيا نفسها.

ورغم أنّ إنزال الحسيمة وُصف حينها بالنّجاح العسكري الكبير الذي أنهى حرب الريف ومهّد لـ”تهدئة المغرب” سنة 1927، فإنّ الحكومة الإسبانيّة الحاليّة تفضّل النّأي بنفسها عن أي احتفال رسمي، في ظل ارتباط الذّكرى بتاريخ استعماري حسّاس وبأسماء قادة عسكريّين مثيرين للجدل.