في خطوة فجّرت جدلاً واسعًا، أقدمت شركة Glovo الإسبانيّة، المتخصّصة في خدمات التّوصيل، على نشر خريطة للمغرب تُقصي أقاليمه الجنوبيّة، وتضع فاصلًا جغرافيًّا بينها وباقي التّراب الوطني، وتُسميها صراحة بـ”الصّحراء الغربيّة”، ما اعتُبر تجاوزًا غير مسبوق في ملف يُعدّ من ثوابت السيادة الوطنية.

الخطوة أثارت موجة انتقادات لاذعة على مواقع التّواصل، لا سيما أنّها جاءت في سياق دقيق، بعد أقل من شهريْن على تلقّي الشّركة إنذارًا من مجلس المنافسة المغربي بخصوص ممارسات احتكاريّة. كما تزامنت مع احتجاجات عمّاليّة ضد ظروف العمل، ما زاد من تعقيد صورة الشّركة في أعين الرّأي العام المغربي.

ورغم محاولة “غلوفو” احتواء الأزمة، من خلال بيان توضيحي صادر مساء الثّلاثاء، أكّدت فيه أنّ “ما حدث كان خللًا تقنيًا في التّطبيق بعد تحديث خارجي، وتمت معالجته فورًا”، إلاّ أنّ التّوضيح لم يُفلح في تبديد موجة الغضب، خاصّةً أنّ الحادث يأتي بعد توقيع اتّفاقية رسميّة مع وزارة الانتقال الرّقمي تهدف إلى تطوير البنية الرّقميّة الوطنيّة في أفق 2030.

وتواجه الشّركة الإسبانيّة في الوقت ذاته مساءلة قانونيّة من طرف مجلس المنافسة، الذي وجّه لها في 28 ماي الماضي “مؤاخذات قانونيّة” بشأن ممارسات اعتُبرت منافية لقواعد المنافسة الشّريفة، من بينها استغلال الوضع المهيمن، وفرض أسعار تعسّفيّة، واستغلال التّبعيّة الاقتصاديّة لشركائها المحليّين، وفقًا لما ينص عليه القانون المغربي المتعلّق بحريّة الأسعار والمنافسة.

ويُضاف إلى هذا المسار القانوني، غضب متصاعد في صفوف العاملين مع الشّركة، الذين عبّروا خلال وقفة احتجاجيّة بالدار البيضاء عن استيائهم من تدنّي الأجور، وتكرار حوادث السّير، وغياب حماية قانونيّة تضمن حقوقهم كأجراء. وقد تبنّى الاتّحاد المغربي للشّغل هذه الاحتجاجات، مطالبًا الشّركة بتحمّل مسؤولياتها الاجتماعيّة.

ورغم تأكيد “غلوفو” التزامها بالحوار وتطوير ظروف عمل الموزّعين، إلّا أنّ الأزمة الأخيرة جعلت علاقتها بمؤسّسات الدّولة والمجتمع المغربي على حدٍّ سواء تمرّ بأحد أصعب اختباراتها، في وقت تُراهن فيه المملكة على تحصين وحدتها التّرابيّة، خاصّةً مع اقتراب موعد تنظيم كأس العالم 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال.