أعاد مقترح قانون أمريكي جديد، تقدّم به النّائب الجمهوري جو ويلسون، إلى جانب الدّيمقراطي جيمي بانيتا، طرح “جبهة البوليساريو” تحت المجهر الدّولي، مع دعوة رسميّة لتصنيفها منظّمة إرهابيّة أجنبيّة، في خطوة قد تُحوّل الموقف الأمريكي من مراقب إلى فاعل في التّعامل مع الكيان الانفصالي.

المقترح، المدعوم بتقارير ووثائق تُشير إلى تورّط الجبهة في أنشطة مشبوهة، بما في ذلك تحالفات مع إيران وحزب الله، فضلاً عن تهديدات طالت حتّى مواطنين أمريكيّين، يُسلّط الضّوء مجدّدًا على سِجلِّ البوليساريو في مجال الانتهاكات العابرة للحدود، ويفتح الباب أمام تحوّل قانوني وأمني واسع النّطاق.

وفي هذا السّياق، يرى محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصّحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أنّ المبادرة تُشكّل “منعطفًا حاسمًا”، يُعيد الاعتبار لواقع ميداني طالما جرى تغييبه، ويؤكّد الطّبيعة العدوانيّة للجبهة التي تتجاوز الخطاب السّياسي إلى ممارسات تصنّف ضمن خانة الإرهاب.

واعتبر عبد الفتاح أنّ تبلور هذا المقترح من داخل الكونغرس، ومن طرف عضو بارز بلجنة القوّات المسلّحة، يرفع من رمزيّته السّياسيّة، وقد يُمهّد لمسار تشريعي يتضمّن عقوبات مباشرة مثل تجميد الأصول، ومنع السّفر، والتّعاون الاستخباراتي لتتبّع أنشطة الجبهة ومصادر تمويلها.

وأوضح أنّ هذه الخطوة تمثّل دعوة غير معلنة لإعادة النّظر في السّياسات الدّوليّة المتساهلة مع كيان يعمل بمنطق العصابات، بينما تسعى الجزائر إلى تقديمه كفاعل سياسي، رغم افتقاده لأي صفة قانونيّة أو تمثيليّة حقيقيّة.

وأضاف المتحدّث أنّ المبادرة تفرض، بالموازاة، فتح ملفّات أرشيفيّة طُويت لسنوات، تخص جرائم ارتُكبت ضد مدنيّين، خاصّةً في إسبانيا وموريتانيا، بينها وقائع اختطاف وتعذيب واغتيال، لا تزال موضوع دعاوى أمام القضاء الإسباني، وبعضها يطال أسماء قياديّة داخل الجبهة، بمن فيهم زعيمها.

وأشار عبد الفتاح إلى أنّ اللّحظة الحاليّة توفّر مناخًا دوليًّا مناسبًا لإعادة تصنيف البوليساريو، خاصّةً في ظل تنامي القلق الدّولي من التّهديدات الإرهابيّة في حوض المتوسّط وشمال إفريقيا. واعتبر أنّ ممارسات الجبهة، بما في ذلك احتجاز الآلاف في تندوف في ظروف غير إنسانيّة، تضعها خارج أي إطار قانوني معترف به دوليًّا.

وأكّد أنّ هذا التّغيير لا يمثّل فقط نجاحًا مغربيًّا في لحظة آنية، بل يعكس تحوّلاً أوسع في مقاربة المجتمع الدّولي للكيانات الانفصاليّة، حيث بات يُنظر إليها كأطراف مسلّحة تُهدّد الاستقرار الإقليمي والدّولي، ما يستدعي ردعًا قانونيًّا يتجاوز الإدانات الظّرفيّة.

وختم عبد الفتاح بالتّأكيد على ضرورة أن تُواكب الرباط هذا التحوّل، عبر توسيع الضّغط الدّبلوماسي وتفعيل المسارات القضائيّة، لضمان تحويل المقترح الأمريكي إلى أرضيّة قانونيّة دائمة تضع حدًّا لممارسات الجبهة.