في سياق التّفعيل العملي للتّوجيهات الملكية الرّامية إلى إرساء جيل جديد من برامج التّنمية التّرابية المندمجة، اِحتضن مقر ولاية جهة العيون السّاقية الحمراء لقاءً تشاورياً موسّعاً، ترأّسه والي الجهة عبد السلام بكرات، بمشاركة ممثّلين عن الهيئات المنتخبة، والمصالح اللّاممركزة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني.

ويأتي هذا اللّقاء، الذي يشكّل محطّة تأسيسية في مسار التّنمية الجهوية، تنزيلاً للرّؤية الملكية الواردة في خطاب العرش ليوم 29 يوليوز 2025، والتي دعت إلى تسريع وتيرة التّنمية واعتماد مقاربات أكثر تكاملاً وعدالة بين مختلف الجهات.

وأكّد الوالي بكرات، في كلمته الافتتاحية، أنّ المرحلة الرّاهنة تتطلّب تجاوز المقاربات التّقليدية التي ركّزت لسنوات على البنيات التّحتية، والانتقال نحو نموذج تنموي شامل يجعل من الإنسان محور العمليّة التّنموية، ويرتكز على الذّكاء التّرابي والمشاركة الواسعة للسّاكنة.

وأوضح أنّ التّنمية التّرابية المندمجة لا يمكن أن تتحقّق دون إشراك فعلي للمواطنين في صياغة المشاريع، وتعزيز دور المنتخبين والمجتمع المدني باعتبارهم شركاء أساسيين في بلورة الحلول الميدانية.

اللّقاء عرف تفاعلاً كبيراً من مختلف المتدخّلين، حيث تمّ تسجيل أكثر من عشرين مداخلة تناولت قضايا اقتصادية واجتماعية وبيئية، أبرزها الدّعوة إلى توجيه الجهود نحو المناطق القروية والهشّة، وتحسين الخدمات الأساسية، مع تثمين التّجارب المحلّية النّاجحة في استثمار الموارد الطّبيعية والبشرية وخلق فرص الشّغل.

كما شدّد المشاركون على ضرورة إبراز الخصوصيات الجغرافية والاقتصادية لإقليم العيون، باعتباره قاطرة التّنمية بالأقاليم الجنوبية، بفضل موقعه الاستراتيجي وبنياته التّحتية الحديثة.

وتمّ الاتّفاق في ختام اللّقاء على إحداث ست ورشات تقنية موضوعاتية تُعنى بمحاور التّشغيل، والتّعليم، والصحّة، والماء، والتّأهيل التّرابي، والتّعليم العالي والتّكوين المهني، على أن تتولّى إعداد تقارير تشخيصية قطاعية تمهّد لصياغة رؤية تنموية موحّدة للجهة.

وسيُتوّج هذا المسار بإعداد تقرير شامل للتّشخيص التّرابي، يرصد الوضع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للإقليم، ويحدّد أولويّات التّدخّل والبرمجة المستقبلية للمشاريع، في أفق صياغة برنامج ترابي متكامل يترجم فعليًّا مضامين الخطاب الملكي.

وأكّد والي الجهة في ختام أشغال اللّقاء أنّ هذه الخطوة تمثّل بداية مسار تشاوري متواصل، لبناء نموذج تنموي جديد يجعل من الإنسان ركيزة أساسية للتّنمية المستدامة، ويضمن توزيعاً منصفاً للفرص والمشاريع عبر مختلف المجالات.