كشفت تسريبات صحفيّة من الدنمارك عن وثيقة سرّية صادرة عن وزارة الخارجيّة، تفيد بأنّ الاتّحاد الأوروبي يتهيّأ للإعلان عن اتّفاقية تجاريّة معدّلة مع المغرب، تشمل الصّحراء المغربيّة، في خطوة مرتقبة بتاريخ 4 أكتوبر المقبل، وسط دعم واضح من الحكومة الدنماركية.

ووفق ما أوردته صحيفة “دان واتش” الدنماركية، فإنّ وزير الخارجيّة لارس لوك راسموسن أبلغ لجنة الشّؤون الأوروبيّة في البرلمان بأنّ كوبنهاغن تعتزم التّصويت لصالح الاتّفاق، رغم الجدل القانوني المرتبط بحكم سابق صادر عن محكمة العدل الأوروبيّة، ألغى اتّفاقات سابقة مع المغرب بسبب “وضعيّة الإقليم المتنازع عليه”، بحسب تأويل المحكمة.

وتنص الوثيقة المسرّبة على أنّ الاتّفاق الجديد، الذي يُعد امتداداً معدّلاً لاتّفاقية 2019، سيسمح باستمرار استيراد المنتجات القادمة من الصّحراء المغربيّة تحت إشراف السّلطات الجمركيّة المغربيّة، مع الحفاظ على الامتيازات التّفضيليّة الممنوحة للسّلع المغربيّة. وتؤكّد الصّيغة المقترحة أنّ الاتّفاق “يراعي التّنمية المستدامة لصالح سكّان الإقليم”، إلاّ أنّ محلّلين قانونيّين يعتبرون هذه الصّيغة “غير كافية لضمان مشاركة فعليّة للسكّان المحليّين في إدارة واستفادة الموارد”، بحسب ما نقله المصدر الدنماركي.

هذا التّوجّه الأوروبي الجديد يتقاطع مع ما كشفه تقرير لمنصّة Euractiv، الذي أشار إلى أنّ بروكسيل بصدد صياغة “مخرج وسط” يُتيح استئناف اتّفاقية الصّيد البحري مع المغرب، والتي أُلغيت العام الماضي بعد قرار المحكمة الأوروبيّة.

وتعتمد الصّيغة الجديدة على توصيف المنتجات القادمة من الصّحراء المغربيّة باعتبارها “منطقة منشأ”، دون تصنيفها مباشرة كمنتجات مغربيّة، مع الإبقاء على مراقبة الوثائق والجودة بيد السّلطات المغربيّة. وتُعدّ هذه الخطوة محاولة أوروبيّة للامتثال الشّكلي لحكم المحكمة، دون المساس بالشّراكة الاستراتيجيّة مع المغرب، الذي يعدّ أكبر حليف تجاري للاتّحاد في شمال إفريقيا.

لكن هذه المقاربة لا تخلو من إشكاليات. فوفق “Euractiv”، تُحذّر جهات قانونيّة من أنّ هذه الصّيغة قد تتعارض جزئيًّا مع منطوق الحكم الأوروبي، بينما تُواجه رفضاً محتملاً من الرباط، التي تؤكّد بشكل قاطع أنّ أيَّ اتّفاق ينبغي أن يشمل كافّة أقاليم المملكة، أو يُعتبر لاغياً بالكامل. وقد سبق للمغرب أن نبّه شركاءه الأوروبيّين إلى أنّ سيادته على الصّحراء “غير قابلة للنّقاش”، وأنّ أيَّ صيغة تُضعف هذا المبدأ تعتبر “تدخّلاً مرفوضاً في الشّؤون الدّاخليّة”.

وتأتي هذه التّطوّرات في ظل تسارع الدّينامية الدّوليّة بخصوص قضيّة الصّحراء المغربيّة، في مقدّمتها تجديد دعم الولايات المتّحدة لموقف الرباط، وتشجيعها للاستثمار الدّولي في الإقليم، ما يُعيد رسم ملامح جديدة للتّعاطي الدّبلوماسي مع الملف على المستوى العالمي.

من جهة أخرى، تشير تحليلات أوروبيّة إلى أنّ الاتّحاد الأوروبي هو المتضرّر الأكبر من توقّف الاتّفاقيات التّجاريّة مع المغرب، خاصّةً في قطاعيْ الزّراعة والصّيد البحري، وهو ما دفع بروكسيل إلى البحث عن مخرجات تحفظ مصالحها الاستراتيجيّة، دون الاصطدام بموقف الرباط السّيادي أو الأحكام القضائيّة الأوروبيّة.