الكثبان العارية، هكذا اختار الشاعر و الباحث في تراث و تاريخ الصحراء “البشير الدخيل”، أن يعنون ديواناً شعرياً يتكون من 52 قصدية، كتبت باللغة الإسبانية لتحكي تجربة شخصية معاشة بين كثبان الصحراء.
و خلال حفل توقيع المؤلف، الذي نظم أمس الجمعة بفضاء وكالة تنمية و إنعاش الأقاليم الجنوبية، المقام ضمن فعاليات النسخة الـ26 للمعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء، الذي تحل الجمهورية الإسلامية الموريتانية هذه السنة ضيفة شرف له، أكد “الدخيل”، أن الديوان المقسم لجزئين يعتبر رسالة موجهة للجميع، رافضة للعنف، الاضطهاد، داعية للتصالح و تصحيح أخطاء الماضي، و نبذ الأفكار و الإيدلوجيا التي أصبحت متجاوزة.
الصحراء ليست رقعة جغرافية فقط !
يصر “الدخيل” في معرض إجابته عن سؤال وجهته “أخبار تايم”، حول حضور تجربته الذاتية بين ثنايا أبيات “الرمال العارية”، أن العمل الأدبي ينهل بشكل مباشر من تجربة مؤلفه بلا شك، لكن سيرورة الرمال ككثبان، في تناسلها و تناقلها، فهو يراها كائنا حيا هي يتطور ، كما هو الحال بالنسبة برؤية جيل، تصور “الصحراء” بعيدا عن تحديدها كرقعة جغرافية، رأوها فضاءاً إنسانياً مسكوناً بروح المدرسة الأم، مسكونة بثقافة شفهية و تجربة إنسانية غينة و متنوعة.
الخروج من وهم الجدران الرمزية
بالكلمة التي لا تؤمن بحدود الإتجاهات و لا اتجاهات الريح، منفتحة كما الصحراء الشاسعة تمتد شمالا و جنوبا شرقا و غربا، حطمت رسائل الصحراء العارية كل الحدود، يضيف الأستاذ عبد العالي الباروكي أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس، في محاولة نقد المؤلف، معتبرة أن صفحاته تظل مطبوعة بالمعاناة و الألم التي عاشها “الدخيل” شخصيا أو باسم من ترافع عنهم، مصبوغة بحالة من السخرية الأدبية الناقدة لتلك التجاربة مجتمعة وهي تغرق في الرمال، الفضاء الذي رسمته الكلمات بطابع المعايشة و الألفة.
حينما يكون القذف إيديولوجيا فلا مكان للخوف
شاب ثوري في مقتبل العمر يقف أعزلاً، يحمل يده عاليا .. يسمع دوي الرصاص يخترق جسده الوهن .. يأمر قائد عسكري قائلا: إدفنوا الكلب ..
مشهد سريالي بانورامي، يرسمه “الدخيل” في واحدة من قصائده، تحت أنظار “بياتريس غارسيا” ناقدة الأدب الناطقة بلسان الديوان الإسباني، التي تباشر في تفكيك رموزه اللغوية : ” .. عمر / حرية / زاوية / مدرسة/ سيارة ..”، معتبرة أن “الدخيل” كان حاضرا في ديوانه بقوة، بل و يملك من الشجاعة الأدبية لتشريح سيرته الذاتية هنا ما يستحق الإعجاب، لكنه و بأناقة لا يقحم شخصه في سياق السرد الواضح لمكونات محيط تسكيلي يحتضن المراراة و الجمال في آن واحد.
إلى ذلك يعتبر المؤلف، محطة في مسار الكاتب المستمر في كشف معالم الصحراء، و مناقشة تاريخها بما يتوافق و عمق تجربته الشخصية و الذاتية، فيما تتواصل جهود وكالة تنمية و إنعاش الأقاليم الجنوبية، التي يعتبر فضائها للصحراء ضمن فعاليات المعرض الدولي للكتاب موعداً سنوياً لتشجيع الأدب و مثقفي الصحراء.