يخلّد المغرب، غدا الثّلاثاء (14 ماي)، الذّكرى الـ68 لتأسيس القوّات المسلّحة الملكيّة، وهي مناسبة تحتفي بها المملكة وتستحضر الإنجازات الكبرى والتّضحيات الجِسام، التي تبذلها هذه المؤسّسة العتيدة، السّاهرة على صون المصالح العُليا للأمّة، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامّة للقوّات المسلّحة الملكيّة.

وتعكس هذه الذّكرى الإستحضار الوجداني للرّؤية الحكيمة، لجلالة المغفور له محمد الخامس، الذي سارع بمجرد بزوغ فجر الإستقلال، إلى تكليف ولي عهده آنذاك جلالة المغفور له الحسن الثّاني، ليشكل النّواة الأولى للقوّات المسلّحة الملكيّة، وهو ما يظهر مدى حرص جلالة المغفور له الحسن الثّاني، ثمّ صاحب الجلالة الملك محمد السادس، على إيلاء عناية خاصّة لهذه المؤسّسة، من أجل تحديث وتجهيز وحداتها، وتوفير كل السّبُل والوسائل الضّروريّة، حتّى صارت اليوم الحِصن الحَصين لحماية الوطن والدّفاع عن مقدّساته ومكتسباته الوطنيّة.

كما تشكّل هذه الذكرى، كذلك، مناسبةً للإحتفاء برجال ونساء القوّات المسلّحة الملكيّة الذين يسهرون على تنفيذ المهام النّبيلة التي أحدثت لأجلها هذه المؤسّسة بتاريخ 14 ماي 1956، سواء منها الدّفاع عن الوطن أو المساهمة في بناء المغرب الحديث.

وتمثّل القوّات المسلّحة الملكيّة، اليوم، فخراً واعتزازاً لجميع المغاربة، وحلقة أساسيّة للوحدة الوطنيّة، وسفيراً مشرّفاً للقيم الأصيلة للمملكة في أي مكان يدعو الواجب فيه عناصرها، التي تحظى بتكوين عالٍ، على المستويَيْن النّظري والتّطبيقي، يؤهّلها للإضطلاع بمهامها المتعدّدة، على أكمل وجه وفي أحسن الظّروف.

وفي هذ الإطار، لابد من تسليط الضّوء على الخدمة العسكريّة، التي تُعد فرصة حقيقيّة للشّباب الرّاغبين في تطوير قدراتهم المعرفيّة والمهنيّة، والمتطلّعين لولوج سوق الشّغل مع توفّرهم على مهارات وكفاءات مناسبة للتّخصّصات المطلوبة، فقد وفّرت القوّات المسلّحة الملكيّة جميع البنيات التّحتيّة الضّروريّة وأطر التّدريس والموارد البيداغوجيّة، من أجل ضمان نجاح هذه العمليّة، التي تمّ إطلاقها بمبادرة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وبالنّظر إلى المسارات التّكوينيّة التي تُتيحها للمستفيدين، وأهدافها المتمثّلة في تطوير القُدُرات المعرفيّة والمهنيّة والخُضوع لتداريب بدنيّة وعسكريّة، مع الإستفادة من الأُجرة والتّغطية الصحيّة والتّأمين، تلقى هذه الخدمة إقبالًا مُتزايداً ونوعيّاً من لدُن الشّباب.

ويذكر أنّه قد تميّزت سنة 2023، بالحضور الوازن للقوّات المسلّحة الملكيّة في مجموعة من المحطّات والمهام، لاسيما إغاثة ضحايا زلزال الحوز، بفضل توفّرها على عُنصر بشري ذي تكوين عصري وتجارب كبيرة في المجال، وعلى تجهيزات لوجستيّة من الطّراز العالي. كما اضطلعت القوّات المسلّحة الملكيّة، بدور هام في تقديم المساعدة للسّكّان الذين تأثّروا بسوء الأحوال الجويّة، إضافةً إلى المهام الإنسانيّة وعمليّات حفظ السّلام. وسخّرت القوّات المسلّحة الملكيّة، فعلاً، منذ السّاعات الأولى لوقوع الزّلزال، عناصر متخصّصة في عمليّات الإنقاذ وإيصال المساعدات إلى المناطق المتضرّرة.

وبنفس الرّوح العالية من الإنضباط والتّفاني، التي تُميّز مجهودات القوّات المسلّحة الملكيّة داخل الوطن، تواصل تجريدات هذه المؤسّسة الوطنيّة أداء مهامها النّبيلة في إطار عمليّات حفظ السّلام عبر العالم، مسجّلةً بذلك اِنخراطها لفائدة قيم السّلام والأمن والتّضامن في العالم.

وبرز هذا الإنخراط الفعّال للمملكة المغربيّة، منذ سنة 1960، في خدمة مبادئ السّلام والأمن عبر العالم، وأيضا لتقاسم الخبرة المكتسبة من طرف القُبّعات الزُّرق المغاربة، من أجل الدّفاع عن القيم الكونيّة للتّضامن والكرامة والعمل الإنساني عبر نشر تجريدات تابعة للقوّات المسلّحة الملكيّة، تحت راية الأمم المتّحدة، بمختلف مناطق العالم.

ويترأس المغرب، منذ عدّة سنوات، مجموعة تنسيق حركة عدم الإنحياز بشأن حفظ السّلام للأمم المتّحدة في نيويورك. كما كان مبادراً إلى إنشاء مجموعة للدّول المتوافقة إزّاء قضايا مكافحة خطاب الكراهيّة والتّضليل ضدّ القُبّعات الزُّرق.

وينضاف إلى ما سبق ذكره، أنّ المغرب يُصنّف من ضمن البُلدان العشرة الأوائل في العالم، الأكثر إسهاماً في عمليّات حفظ السّلام التّابعة للأمم المتّحدة. وفي هذا الإطار، أكّد المغرب خلال مؤتمر الأمم المتّحدة الوزاري لحفظ السّلام، المُنعقد يومي 5 و6 دجنبر المنصرم بـ”أكرا”، أنّه يعتزم مواصلة عمله الدّؤوب لتجديد وتكييف الأُطُر السّياسيّة لعمليّات الأمم المتّحدة لحفظ السّلام، طِبقاً للرّؤية السّامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وبشأن الإلتزامات في مجالات العمل الثّمانية ذات الأولويّة، أعلنت المملكة أنّها ستُوفّر تكوينات في مركز التّميُّز لعمليّات حفظ السّلام بابن سليمان، وذلك في مجالات حماية المدنيّين، ومكافحة التّضليل الإعلامي، والرّقمنة، والتّطبيب عن بعد، والصحّة العقليّة، وكذا حماية البيئة.