الجامعة بوصفها مؤسسة تربوية وعلمية، تعتبر من أهم المؤسسات الاجتماعية في المجتمع الحديث والمعاصر، لما تلعبه أدوار تربوية، علمية و حضارية داخل المجتمع كأداة لتكوين وتأهيل الناشئة ورأسمال بشري، إن على المستوى العلمي، المهني، الفكري السياسي، أوحتى الاجتماعي.
مكان شاغر و مفقود، ضمن حواضر الصحراء التي يفترض أن تكون في مرحلة الإعداد لتأهيل القوى بشرية من أجل الإسهام في دينامية مشاريع التنمية الاجتماعية الشاملة، فلماذا تفتقر جهات ثلاثة تشكل من المملكة مساحة جغرافية و استراتيجية جد هامة؟ في حين تحضر بكينونتها و استقلالها في مناطق أخرى؟
محمد الراجي، الباحث في القانون الدولي العام يؤكد أن غياب مؤسسة الجامعة بمفهوم المخالفة، يمكن أن يشكل عامل من العوامل المؤثرة سلبا في مخطط التنمية، خصوصاً و كون الأسئلة تشار باستغراب حول المعايير التي تحدث على أساسها هذه المؤسسات في مدن وتغيب في مدن أخرى؟
فبينما الصحراء تشكل بجميع جهاتها مجالاً للدراسة والحوار الاستراتيجي، تغيب فيها مؤسسة الجامعة، وحتى إن وجدت فهي لا تعدو شاكلة النقاط النواتيه التابعة، كما هو الحال بالنسبة لكلية الشريعة بالسمارة، والمراكز الجامعي بكليميم التابعين لجامعة بن زهر بأكادير ، أو المدرسة العليا لتكنولوجيا بالعيون التي تضم مسلكين للإجازة المهنية و التابعة كذلك لجامعة بن زهر بأكادير -يضيف الراجي’.
الترافع عن مطلب إحداث مؤسسات جامعية بالأقاليم الجنوبية، هو ذاته موضوع حوار استراتيجي رمضاني أطلقه أحد مراكز التفكير و الدراسات (مركز الدراسات الاستراتيجية و الدفاع عن الديمقراطية بالعيون)، قبل أن يتبناه ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي ممن أصروا على الجامعة كمطلب ملح.
حري بالذكر أن ضرورة تأهيل قطاع التعليم العالي بأقاليم الصحراء، قد تم التنصيص عليه بمسودة المخطط التنموي للأقاليم الجنوبية الذي صاغه المجلس الاقتصادي ، الاجتماعي و البيئي. وهو ذاته السياق الذي جاء فيه الإعلان عن إحداث كلية للطب و مستشفى جامعي بالعيون، إلا أن متخصصين يرون للبنية التعليمية حاجيات أخرى، مرتبطة بالتخصصات الأكثر إقبالاً كالعلوم القانونية و الاجتماعية ، و كذا الإنسانية.