تعيش المقاولات الإعلاميّة بجهة العيون السّاقية الحمراء أزمة ماليّة خانقة تكاد تعصِف بوجودها، في ظلِّ غيابِ الدّعم المؤسّساتي وحرمانها من فُرص الإشهار، رغم أنّ الجهّة تزخر بمؤهّلات اقتصاديّة كبرى واستثمارات ضخمة في مختلف القطاعات.
ويؤكّد مهنيّون وإعلاميّون بالمنطقة أنّ استمرار هذا الوضع ينذر بانهيار العديد من المنابر المحليّة، بعدما ظلّ الصّحفيّون يشتغلون سنوات طويلة بتضحيات جسام، دون أي ضمانات ماديّة أو قانونيّة تحفظ كرامتهم وتؤمّن استمرارية رسالتهم الإعلاميّة.
الأزمة ليست وليدة اليوم، بل تراكمات سنوات من التّهميش، حيث تكشف الأرقام أنّ ما يقارب 75% من المقاولات الإعلاميّة الوطنيّة تعيش وضعاً صعباً يهدّد وجودها، فيما تبقى وضعيّة الإعلام الجهوي بالأقاليم الجنوبيّة أكثر هشاشة بحكم غياب الإشهارات، وضعف الدّعم، وتجاهل الجهات الرّسميّة لمعاناة المهنيّين.
ورغم ذلك، فقد لعبت هذه المؤسّسات الإعلاميّة المحليّة دوراً محوريًّا في الدّفاع عن الوحدة التّرابية، عبر التّصدّي لخطابات إعلاميّة انفصاليّة مدعومة من الخارج، وتفنيد ادّعاءاتها المغرضة، بل والاستمرار في ذلك بجهد ذاتي ومن دون أي مقابل، باعتباره واجباً وطنيًّا لا يحتمل التّراخي.
غير أنّ الصّحفيّين في الجهة يعتبرون أنّ صبرهم قد بلغ مداه، وأنّه لم يعد أمامهم خَيار سوى مناشدة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، باعتباره الضّامن الأوّل لحريّة الإعلام والدّاعم الرّئيس للمؤسّسات الوطنيّة، آملين أن تجد صرختهم آذاناً صاغيةً تنقذ ما تبقّى من هذه المقاولات قبل أن تندثر، وتفسح المجال أمام إعلام هزيل أو بديل أجنبي يخدم أجندات معادية للوطن.
إنّها لحظة حاسمة تستوجب تحرّكًا عاجلاً، فالإعلام المحلّي لا يسعى إلى تحقيق أرباح ماديّة بقدر ما يطمح إلى تغطية مصاريفه وتسديد ديونه المتراكمة في نسيج اقتصادي هش، بُغية إنعاش هذه الرّكيزة الحيويّة التي أسهمت في توعية ساكنة مخيّمات تندوف، وكشف زيف شعارات قيادة جبهة البوليساريو، فضلاً عن مواكبتها لتنزيل النّموذج التّنموي والدّفاع عن القضايا الوطنيّة. وهي مسؤولية مشتركة بين مختلف المؤسّسات، ويأتي الإعلام في صلبها، ما يستوجب دعمه وإسناده بمبادرات تنمويّة حقيقيّة تحفظ رسالته النّبيلة وتصون كرامة رجاله ونسائه.